الزعيم الشيخ عيادة ابن عجوين في المصادر التاريخية

كتاب قيّم ونادر يوثق محادثة تاريخية نادرة, بين أحد كبار شيوخ البادية والرحالة البريطاني دوتي ,يعود تاريخها إلى العام 1877ميلادي,(أي قبل أكثر من مائة وأربعون عاماً) ويقدم من خلالها وصفا بليغاً ودقيقاً لمضارب العجاونة(بيوتهم) وديارهم أماكن تواجدهم في ذلك التاريخ , حيث دون دوتي مادار بينهم من نقاش مع الزعيم الشيخ عيادة بن عجوين الرشيدي, حيث قال دوتي : سرنا مدة ساعة وصلنا بعدها إلى منزل عيادة , وكانت الخيام البدوية المصنوعة من الصوف الخشن منصوبة في تجويف على شكل رف يطل على منظر طبيعي من الأرض الجرداء الخراب في الناحية الجنوبية : شاهدت ظلاما شاسعا خلف ذلك المنظر , - هذا السواد كان عبارة عن حرة أخرى (أو بالأحرى حرة خيبر) - كما شاهدت أيضا جبالاً من صخور الجرانيت وردية اللون كانت الأحجار الرملية, تمتد على شكل لسان بين الجبال البللورية ومحملة بالحمم البركانية,وتمتد لتصل خيبر من الناحية الجنوبية.- قال ضيف الله : عندما نصل إلى خيامهم على مختلف مواقعهم , فسوف تتولى أنت الحديث إلى الناس : قل لهم إنك مداوي جئت من حائل , وأنك تود الذهاب إلى خيبر؛ ومقابل ريالين اثنين سوف تجد شخصا يوصلك إلى هناك . وصلنا إلى مبتغانا , وهناك قدمني ضيف الله للشيخ عيادة بن عجوين ؛ (قال) إنني كنت مداوياً باراً- وبعد ذلك أخذ جمله وأنصرف لحال سبيله. كان عيادة واحدا من شيوخ قبيلة بني رشيد,وكنت قد رأيته قبل يومين وهويستطلع الصحراء: - ولربما فهم عيادة عندئذ (من كلام الرجل المتشدد) إنني لم أكن مسلما حقيقيا, والسبب في ذلك أنني عندما ألقيت عليه التحية , وقلت له : إنني سوف أذهب معه إلى خيبر,استقبلني استقبالا خشنا . كان الرجل صاحب بنية قوية . قال عيادة : " حسن,لقد قلتها بالأمس,وأنا لايمكنني أن أرسلك إلى خيبر." كان هناك بعض الرجال يجلسون أمام خيمة عيادة - " ياهو! قال عيادة , من منكم سيقوم بتوصيل هذا الرجل إلى خيبر , ويحصل منه على ثلاثة ريالات ." ؟ أجاب واحد منهم قائلا : " سوف أنقله إلى هناك , إذا ما أعطاني هذه النقود." وافقت على ماقاله ذلك الرجل, وهنا ضمن الشيخ عيادة أن ذلك الرجل لن يتخلى عن رفيقه , مثلما فعل غيره من قبل . قائلا : " لاثق بي, هذا غصيب , واحدا من الشيوخ, وهو رجل شجاع ومقدام." قلت : " وأنت ياغصيب , أقسم بحياة هذا الساق من العشب , أنك لن تتخلى عني, أنا رفيقك ,إلا بعد أن توصلني إلى خيبر!" - قال غصيب : " أقسم على أني سأوصلك إلى خيبر , اللهم باستثناء إذا ماوافتني المنية." قال عيادة : " إن لديه ناقة أيضا , وهذه الناقة تستطيع الطيران كما لو كانت طائرا من الطيور ."

وصلنا خلال فترة العصر إلى هضبة من الحجر الرملي تقف مثل جزيرة من القمم الصخرية وسط الحرة البازلتية ,ظن الرفيقان أننا كنا مخطئين, عندما نظرا إلى مسافة بعيدة عبر الأرض البركانية ولم يريا أحدا من العرب.من أرض مرتفعة أخرى حسبا أنهما رأيا قطيعا من الإبل على جبل بعيد: ولكني عندما نظرت من خلال نظارتي لم أر ذلك القطيع! سرنا في ذلك الاتجاه , وشاهدنا بدويا مترحلا جالسا على مقدمة صخرة بركانية يرعى إبله. وقف ذلك الرجل وجاء للقائنا ؛ " يصيح الرجل ماهو!خليل، أجئت إلى هنا مرة ثانية؟" تعرفت الصوت , وتيقنت أن الرجل هو عيادة بن عجوين, شيخ بني رشيد, الذي عبرت منزله بصحبة غصيب الحرة كي أصل إلى خيبر!
حياني عيادة ولكنه تساءل عن رفاقي, وكانا غرباء عليه ولزما الصمت .وتلك هي عادة الصحراء, عندما يلتقي البدو الرحل بعضهم البعض ويتشككون في بعضهم البعض إن كانوا أصدقاء أم أعداء.وهنا قال عيادة: "ياخليل,من يكون هذان اللذان معك؟" -"اسألهما بنفسك." قال عيادة: "حسن,ياشباب,من أية قبيلة أنتما, -أظن أنكما من خيبر؟" ردا عليه," نحن من العقيل وقد أوفدنا باشا المدينة (المنورة) لتوصيل خليل إلى بن الرشيد." - قال عيادة : "ولكني أرى أنكما من البدو تماما, وأنا أسألكما أي بدو؟ - أجاب عيّاد العنزي, "يافلان نحن لم نذكر الاسم لاحتمال أن يكون هناك نزاع بين قبيلتينا ." قال عيادة: " أهو! أهذا هوما تخشاه؟ لاتخافوا من شئ (واستخف بهما الأثنين ) . قال عيادة : "حسن أحسب أنكم جميعا ظمأنين ؛ سوف أحلب لك أولا ياخليل, ثم لهذين الرجلين من بعدك , هذا إن كانا يريدا أن يشربا الحليب!" وبعد أن شرب رفيقاي رد عليه عيّاد العنزي, " أقول لك الآن ؛ إننا من البشر من عنزة. "- قال عيادة بن عجوين : " هذا يكفي,إننا أصدقاء؛ وأنت نصراني ياخليل, فكيف استطعت أن ترى خيبر؟" قلت : "إنها مكان لعين." قال عيادة :" لماذا ذهبت إلى هناك ,ألم أحذرك من ذلك ؟" - أين غصيب؟" - أجبت إنه ليس بعيدا عن هنا وهو بخير." قال عيادة : "وأنا لا أعرف كيف حدث ذلك,وأنك ستأخذ منه ناقته." (قال عيادة موجها كلامه لرفيقاي) : " الأرجح أن خليلا رجل صادق وأمين؛ والأدوية التي اشترتها منه نسائنا ونساء أعراب القصيم , يقولون عنها : إنها مؤثرة ومفيدة . فما رأيكما فيه ؟ أهو رفيق طيب؟" - اجابا " نعم هذا شي لابد أن نقر به , بالرغم من أنه نصراني! ولكن دلنا أين يمكن لنا العثور على بيوت الأعراب. (يقف الرجل ويشير بإصبعه ) هناك في الخلف, اسلكوا الطريق المنخفض , من هذه الناحية؛ ولاتنحرفوا عن الطريق وستصلون إليهم عند غروب الشمس .وقد أذهب أنا إلى هناك في فترة المساء, ثم أركب دابتي معكم صباح باكر إلى حائل ." - تعجبت من ذلك الشيخ الذي يرعى إبله بنفسه!

من كتاب ترحال في صحراء الجزيرة العربية (الجزء الثاني-المجلد الأول),ص 100, 101, 327,326,325