07-22-2008, 06:21 PM
|
|
بيت خطر في بالي - الفرج بعد الشده - القاضى المحسن بن على التنوخى
|
|
|
|
بيت خطر في بالي
عن حماد الراوية قال: كان انقطاعي إلى يزيد بن عبد الملك، جعل هشام يجفوني دون سائر أهله من بني أمية في أيام يزيد.
فلما مات يزيد وأفضت الخلافة إلى هشام خفته، ومكثت في بيتي سنة لا أخرج إلا إلى من أثق به من إخواني سراً.
فلما لم أسمع أحداً يذكرني أمنت فخرجت فصليت الجمعة عند باب الفيل فإذا بشرطيين قد وقفا علي.
وقالا: يا حماد أجب الأمير يوسف بن عمر.
فقلت في نفسي: من هذا كنت أحذر ثم قلت للشرطيين: هل لكما أن تدعاني آتي بيتي فأودع أهلي وداع من لا يرجع إليهم أبداً ثم أصير معكما ؟ فقالا: ما إلى ذلك سبيل.
فاستسلمت في أيديهما وصرت إلى الأمير وهو في الإيوان الأحمر فسلمت عليه فرد علي السلام ورمى إلي كتاباً فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله هشام أمير المؤمنين إلى يوسف بن عمر
أما بعد :
فإذا قرأت كتابي هذا فابعث إلى حماد الراوية من يأتيك به من غير أن يروع ولا يتعتع وأدفع إليه خمسمائة دينار وجملاً مهرياً يسير عليه اثنتي عشرة ليلة إلى دمشق .
فأخذت الخمسمائة دينار وإذا جمل مرحول فجعلت رجلي في الغرز وسرت اثنتي عشرة ليلة حتى دانيت دمشق.
ونزلت على باب هشام واستأذنت عليه فأذن لي فدخلت عليه في دار قوراء مفروشة بالرخام وبين كل رخامتين قضيب ذهب وحيطانه كذلك وهشام جالس على طنفسة حمراء وعليه ثياب خز حمر وقد تضمخ بالمسك والعنبر وبين يديه مسك مفتوت في أواني ذهب يقلبه بيده فتفوح رائحته.
فسلمت عليه فرد علي واستدناني فدنوت منه.
وإذا جاريتان لم أر مثلهما في أذن كل واحدة منهما حلقتان فيهما لؤلؤتان تتوقدان.
قال: أتدري فيم بعثت إليك ؟ قلت: لا.
قال: بعثت إليك بسبب بيت خطر في بالي، لم أدر من قائله.
قلت: وما هو ؟ قال:
ودعوا بالصبوح يوماً فجاءت ** قينةٌ في يمينها إبريق
فقلت: هذا يقوله عدي بن زيد العبادي في قصيدة له.
قال: أنشدنيها فأنشدته:
بكّر العاذلون في وضح الصبح ** يقولون لي أما تستفيق
ويلومون فيك يا ابنة عبد الاّله ** والقلب عندكم موثوق
لست أدري إذ أكثروا العذل فيها ** أعدوّ يلومني أم صديق
ودعوا بالصبوح يوماً فجاءت ** قينةٌ في يمينها إبريق
قدّمته على عقار كعين الديك ** صفّى خلالها الراووق
قال: فطرب، ثم قال: أحسنت يا حماد والله .
وقال: أعد.
فأعدته .
وقال اعد اخرى .
فاعدته .
فاستخفه الطرب حتى نزل عن فراشه .
ثم قال: سل حوائجك.
قلت: كائنة ما كانت ؟ قال : نعم.
قلت: إحدى الجاريتين.
قال: هما لك بما عليهما ومالهما.
فذهبت لمنامى فلما أصبحت فإذا بالجاريتين عند رأسي وإذا عشرة من الخدم مع كل واحد منهم بدرة (صره مال) .
وقال لي أحدهم: إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول لك: خذ هذا فانتفع به في سفرك.
فأخذتها والجاريتين وانصرفت.
المصدر : الفرج بعد الشده - القاضى المحسن بن على التنوخى
|
|
|
|
|
|