الحوار المفيد
بسم الله الرحمن الرحيم
في خطوة تعبر عن نضج واضح، قررت كل اطراف الازمة السياسية الحالية في ايران تجنب العنف وتحقيق اهدافها من خلال الاحتكام الى الحوار في إطار القانون. فقد احيا الطلاب الاسبوع الماضي الذكرى السنوية لانتفاضة عام 1998 بتنفيذ عدد من الاعتصامات في مختلف كليات الجامعة، وهم استمعوا لنصيحة عدد من القادة السياسيين ولم ينقلوا احتجاجاتهم الى الشارع، حيث كان من المحتمل ان تتحول الاحتجاجات الى اعمال عنف. ومن جهتها، فإن السلطات خففت من اللهجة الحادة ضد حركة الاحتجاجات، فضلا عن ان غالبية الطلاب الذين اعتقلوا اثر الاحتجاجات اطلق سراحهم الاسبوع الماضي كبادرة حسن نية من جانب السلطات.
وكانت مجموعة من 400 مفكر وسياسي قد وجهت خطابا مفتوحا الى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، مناشدين اياه تنظيم حوار وطني حول الإصلاح. وحظيت المحاور الرئيسية التي تضمنها الخطاب بتأييد قوي من جانب عدد من القادة الدينيين البارزين. واظهر الخطاب ان قطاعات كبيرة من المجتمع الايراني ترفض ان تحقق اهدافها بوسائل خارج إطار القانون.
واذا اخذنا في الاعتبار النيات الحسنة لدى كل طرف، يمكن القول انه لا يزال هناك مجال للتوصل الى حل بشأن الأزمة في ايران من خلال الحوار بدلا من استخدام القوة ونزيف الدم. ومن الواضح، في هذا السياق، ان الرئيس محمد خاتمي لا يزال يحتفظ بموقعه كحلقة وصل بين المؤسسة الحاكمة، من جهة، والحركة المؤيدة للإصلاح من الجهة الاخرى.
وكان خاتمي قد اعلن لأول مرة بعد انتخابه رئيسا للبلاد قبل ست سنوات انه مستعد للاستقالة من منصبه اذا اتضح ان هذه هي رغبة الشعب الايراني. ويعتقد محللون ان هذا التصريح كان بمثابة رسالة تحذير للعناصر التي تحاول عرقلة محاولات إحداث تغيير سلمي.
والواقع ان ايران تملك في الوقت الراهن الآليات اللازمة لتحقيق تغيير سلمي وتطور سياسي. لذا سيكون امرا مؤسفا ان يجري تجاهل هذه الآليات والاتجاه نحو إحداث شروخ بين الايرانيين تنتهي بهم فصائل متناحرة ومنغلقة داخل مواقف
جريدة الشرق الاوسط
|