03-12-2008, 02:23 AM
|
|
وقعت بقلب الشيخ - كتاب التوابين - عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي
![](images/myframes/2_cur.gif) |
|
![](images/myframes/2_cul.gif) |
|
وقعت بقلب الشيخ
قال إسماعيل بن عبدالله الخزاعي : قدم رجل من المهالبة من البصرة أيام البرامكة في حوائج له فلما فرغ منها انحدر إلى البصرة ومعه غلام له وجارية فلما صار في دجلة إذا بفتى على ساحل دجلة عليه جبة صوف وبيده عكاز ومزوده قال فسأل الملاح أن يحمله إلى البصرة ويأخذ منه الكراء قال فأشرف الشيخ المهلبي فلما رآه رق له فقال للملاح قرب واحمله معك على الظلال فحمله فلما كان في وقت الغداء دعا الشيخ بالسفرة وقال للملاح قل للفتى ينزل إلينا فأبى عليه فلم يزل يطلب إليه حتى نزل فأكلوا حتى إذا فرغوا ذهب الفتى ليقوم فمنعه الشيخ ثم دعا بزكرة فيها شراب فشرب قدحا ثم سقى الجارية ثم عرض على الفتى فأبى وقال أحب أن تعفيني قال قد أعفيناك اجلس معنا وسقى الجارية وقال هاتي ما عندك فأخرجت عودا لها في كيس فهيأته وأصلحته ثم أخذت فغنت فقال يا فتى تحسن مثل هذا قال أحسن ما هو أحسن من هذا فافتتح الفتى بسم الله الرحمن الرحيم ( قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا أين ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة )(سوره النساء ) وكان الفتى حسن الصوت قال فزج الشيخ بالقدح في الماء وقال أشهد أن هذا أحسن مما سمعت فهل غير هذا قال نعم ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا) (سوره الكهف)
قال فوقعت من قلب الشيخ موقعا قال فأمر بالزكرة فرمى بها وأخذ العود فكسره ثم قال يا فتى هل هاهنا فرج قال نعم
( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) (سوره الزمر)
قال فصاح الشيخ صيحة خر مغشيا عليه فنظروا فإذا الشيخ قد مات وقد قاربوا البصرة قال فضج القوم بالصراخ واجتمع الناس وكان رجلا من المهالبة معروفا فحمل إلى منزله فما رأيت جنازة كانت أكثر جمعا منها قال فبلغني أن الجارية المغنية جعلت تقوم الليل وتصوم النهار فمكثت بعده أربعين ليلة ثم مرت بهذه الآية في بعض الليالي
( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا)
قال فأصبحوا فأصابوها ميتة.
كتاب التوابين - عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي
|
|
![](images/myframes/2_cdr.gif) |
|
![](images/myframes/2_cdl.gif) |
|