( قتلوها )

أحبائي ,,,, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
أسعد الله أوقاتكم بكل سرور , إطلالتي الرابعة ستكون بعنوان ( تركوها ) من عرف اللغة العربية وسبر أغوار معانيها وانتقل بين جمالياتها واشتقاقات مفرداتها لن يرضى بغيرها بديلا , ولن يجد مايجد بها في سواها ,
لغة الإعجاز
لغة الإبداع
لغة سحر البيان
لغة العظماء
لغة العقول
وفوق هذا كله لغة القرأن الكريم ولغة نبينا أفضل البشرية عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ولغة صحابته الكرام وتابعيهم ,
اللغة العربية كلها عجائب ولكن مايهمني هنا هوالجانب الأدبي منها , لا شعر يوازي شعر شعراء اللغة العربية في مختلف العصور لامن حيث أصالة المفردة ولا من حيث جزالة المعنى ولا من حيث التصوير الخيالي ,
ولكن مايحزن النفس ويضفي عليها خيبة من الآمال هو إعراض من سبقونا عنها وإحجام منهم في عصرنا عنها , والأدهى والأمر من هذا كله هو عدم الإقبال عليها تعلما وتعليما , تجد البعض يدرس ويتعلم اللغات الأجنبية ويعتز وقد يفاخر بها وهو لايعرف من اللغة ولو مايستقيم به حديثه , لايعذر أحد في الإعراض عن تعلم اللغة العربية وفهم قواعدها , فعلماء النحو عندما شعروا بخطورة وضع اللغة وخشية ضياعها واندثارها هبّوا للحفاظ عليها بوضع علم النحو وتأسيس قواعده , لست هنا في صدد ذكر علم النحو بقدر ماأحاول أن أشير إلى بلاغة وفصاحة وجمال اللغة العربية من خلال الأدب العربي , الكثير منا لايستمتع بسماع أو قراءة النص الفصيح لقلة فهمه للغة أو لعدم وجود الجمال النصي والصور الإبداعية فيما يقرأه أو يسمعه ,

يقول اسماعيل صبري

طرقت الباب حتى كلّ متني
فلمّا كلّ متني كلمتني
فقالت لي ياإسماعيل صبرا
فقلت ياأسما عيل صبري

هنا نرى كيف تمكن الشاعر من اللغة واشتقاق المعاني من المفردة من دون تكلف , والشرح هو
طرقت الباب حتى كلّ متني , أي طرق عليها الباب حتى تعب متنه والمتن معروف مايربط بين الكتفوالذراع( العضد ) , فلمّا كلّ متني كلمتني , فلما تعب متنه كلمته من وراء الباب ,
فقالت لي ياإسماعيل صبرا , أي انتظر , فقلت ياأسماء عيل صبري( عيل صبري )أي نفد وهو يرد عليها يقول ياأسماء يناديها باسمها عيل صبري أي لاأستطيع الصبر ,

ويقول أحد الشعراء منهم من قال أنها بيتين لعلي بن ابي طالب رضي الله عنه ولكن هذه الرواية لم تثبت وقيل أنها منكرة جدا وما يهمنا هنا هو إيرادهذين البيتين والإستمتاع بما يحملانه من روائع

دخل الشاعر على زوجته فوجدها تستاك بسواك من أراك فقال:
حظيت يا عود الأراكِ بثغرها
أما خفت يا عود الأراك أراكَ
لو كنت من أهـل القتال قتلتك
ما فـاز منـي يا سِواكُ سِواكَ

والجماليات كثيرة جدا في هذا الباب, اذكر منها على سبيل المثال موقفا للأصمعي مع أعرابي فصيح ,
يقول الأصمعي مررت بقوم في وادي فوجدتهم قد أجهزوا على غدائهم من قصعة طعام بينهم وأباريق وصوان من اللبن والسمن والعسل فجلس يأكل معهم وكان من بينهم أعرابي فصيح ( قح ) وكان ياكل بشراهة ونهم
فكان السمن يسيل على لحيته , فنظر إليه الأصمعي وقال له :

كأنك أثلة في أرض هشّ
أتاها وابل من بعد رشّ

فنظر إليه الأعرابي وقال :

كأنك بعرة في إست كبش
مدلاة وذاك الكبش يمشي

فغضب الأصمعي وقال للأعرابي أتقول الشعر ؟
قال الأعرابي : وكيف لاأقوله وأنا أمه وأبوه , فقال الأصمعي :ففكرت بأصعب قافية فوجدتها الواو الساكنة المفتوح ماقبلها , فقلت إئتني ببيت آخره واو ساكنه مفتوح ماقبلها ,

فقال الأعرابي:

قوم بنجد عهدتهم
سقاهم الله من النو

قال الأصمعي : نو ماذا ؟

قال الأعرابي :

نوء تلألأء في
دجى ليلة مظلمة كالحة لو

قال له الأصمعي يريد إعجازه : لو ماذا ؟

قال الأعرابي :

لو سار فيها فارس لانثنى
على بساط الأرض منطو

قال الأصمعي : منطو ماذا ؟

قال :

منطوئي الكشح هضم الحشا
كالباز قد إنقضّ من الجو

قال جو ماذا ؟

قال الأعرابي :

جو السماء والريح تعلو به
قد شمّ ريح الأرض فاعلو

قال الأصمعي : فاعلو ماذا ؟

قال :

فاعلو لما عي صبره
فسار نحو القوم ينعو

قال الأصمعي ينعو ماذا ؟

قال :

ينعو رجال للفنا شرعة
كفيت مالاقو ولاقو

قال الأصمعي : لاقو ماذا ؟

قال الأعرابي :

ان كنت لاتفهم ماقلته
فأنت عندي رجل بو

قال الاصمعي مالبو ؟يريد أن يبعد نفسه عن وصفه له بالبو

قال الأعرابي :

البو سلخ قد كسى جلده
بألف قرنان تقوم أو

وكان أمامهم صحون الغداء

فقال الأصمعي : أو ماذا

قال الاعرابي :

أو أضربه بصوانة في رأسه
تقول في ضربتها قو

قال الأصمعي :

فخشيت أن أقول له قو ماذا فيضربني بالصوانة فتوقفت


هذا ماتهيأ إيراده وشكرا للجميع

فواز مريزيق